تقارير وتحقيقاتمقالات الرأي

خليجي ٢٥ في البصرة: صورة ”براقة“ لفرصة ضائعة

البصرة – فاتن خليل

هل حوّلت بطولة ”خليجي ٢٥“ مدينة البصرة إلى قبلة للسياحة والاستثمار؟ الوقائع على الأرض لا تدعم هذه الفرضية، رُغم عشرات التغريدات وصور السلفي لمدونين استقطعوا من حياة البصرة ثوانٍ بدت هادئة للجمهور.

بعد نحو ثلاثة شهور على انتهاء البطولة التي حظيت بإهتمام الرأي العام المحلي والخليجي، وحضور جماهيري لافت تجاوز حدود لعبة كرة القدم إلى الاحتفاء بمدينة اختفت تحت أخبار النزاعات القبلية والفقر والفساد.

تشجع كثيرون لتخيل أن الفرصة المواتية لجعل البصرة مدينة بحرية تتمتع بمزايا نادرة، تضعها في مصاف مدن مماثلة حول العالم، لكن قصة الخليجي ”الرائعة“ كانت وقتاً مستقطعاً من البصرة المُنهكة.

هدنة مع الدكة العشائرية

قبل وخلال البطولة، لم يكتب مراسل ولم تنشر منصة خبراً واحداً على الاقل عن معارك العشائر. في الحقيقة، فإن المصادر الموثوقة كانت تسجل ”الحد الأدنى من النزاعات القبلية“.

قيل عن لسان مصادر، التي تنشط في مؤسسات أمنية حساسة، إن محافظ البصرة أسعد العيداني تكفل بعقد ”هدنة مؤقتة“ بين أبرز العشائر النشطة في النزاعات المسلحة، طوال السنوات الماضية.

الهدنة تلك، رفعت رصيد العيداني في أوساط رجال الأعمال وناشطين ”كانوا يريدون أي تسوية كي تمر أيام البطولة بسلام“، لكن كثيرين يسألون المحافظ عن مستقبل البصرة، وما الذي يمكن استثماره بالفعل لمستقبل المدينة.

بعد أسابيع من البطولة، وحتى شهر آذار الحالي، شيء ما ضغط على ”زر“ الحوادث الأمنية، وفعلها مجدداً. وبحسب مصدر أمني في عمليات البصرة، فإن وتيرة النزاعات المسلحة وحوادث السرقة عادت إلى وتيرتها المعهودة، بعد رحيل ضيوف البطولة.

ماذا عن ”البصرة الجميلة“؟

تحمس عراقيون، أرادوا السفر إلى البصرة، بعد أن شاهدوا المئات من مقاطع الفيديو القصيرة التي نقلت لحظات فارقة مشحونة بالعاطفة عن المدينة، وسكانها. كان الشيء الحقيقي التي يسهل التوثق منه، هو شغف الناس بضيوفهم، والحماسة الطاغية لـ“إكرام“ الزائرين، مهما كلفهم ذلك.

خلف تلك المشاهد، لم يكن أحد يرغب التحقق من أن البصرة الجميلة تمتلك بنى تحتية مستدامة.

يقول مقاول متعاقد مع الحكومة للقيام بأعمال الترميم والتجهيزات، قبل بطولة خليجي ٢٥، إن الأعمال كانت محددة بـ”الترقيع“، وأن البصرة ليست مستعدة لتكون وجهة سياحية، وتحتاج إلى عمل متواصل ومكثف طوال سنتين حتى تكون وجهة سياحية.

صاحب أحد الفنادق في البصرة، تحدث عن ”ازدهار“ أعماله خلال أيام البطولة، وعلى نحو أقل في الأسابيع التي تلتها، إذ ارتفع عدد السياح القادمين إلى المدينة رغم الظروف غير المستقرة، وازداد معهم حجز غرف الفنادق..

لكن مالك الفندق، الذي يعتقد أن خليجي ٢٥ كان فرصة لأكتشاف الفرص الضائعة، يقول إن الحكومة المحلية لن تتمكن من جعل البصرة مدينة سياحية، إلا بإجراء تغييرات جوهرية على المستوى الأمني،والبنى التحتية.

يقول المهندس محمد الدوسري ،”البصرة لا تستطيع احتواء اعداد كبيرة من الوافدين بسبب قلة عدد المرافق الخدمية، كما أن الجسور والكورنيش لا تكفي لتحويل المدينة إلى وجهة سياحية“ .

وإلى جانب كل ذلك، يكشف مسؤول سابق في دائرة كهرباء البصرة ان المدينة تعاني من أزمة طاقة منذ أكثر من عشرين عاماً، بسبب الفساد والاعتماد على الصفقات المشبوهة.

المسؤول، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته، أكد أنه اضطر للإستقالة خوفاً على حياته وحياة اطفاله بعد تلقيه تهديد مباشر بعد فحصه مولدات القادمة من الخارج، واكتشافه انها غير مطابقة للمواصفات المسجلة في وزارة المالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى