المرأة والمجتمع المدني

جرائم الشرف .. “قتل تحت نظر القانون”

ما تزال النساء يدفعن ثمن ما يسمى بجرائم الشرف، وقتلهن وحده هو ما يحفظ "شرف" العائلة. وعادة في هذه الحوادث، إذا ما وصلت للقضاء، تُذبح الضحية مرتين، مرة بالقتل ومرة بالتستر على المجرم وتبرئته اجتماعيا وقانونيا. الغالبية العظمى من هذه الحوادث تبقى طي الكتمان وقد تُدفن الحقيقة فيها مع الضحايا كتلك الشابة الثلاثينية التي عُثر على جثتها في بئر بمدينة الخليل في الأراضي الفلسطينية قبل أيام، بعد 9 سنوات من قتلها وسط شكوك بأنها قتلت في جريمة شرف.

 

قبور بلا شواهد

بحسب ناشطة كويتية فضلت عدم ذكر اسمها، تُرتكب عشرات الجرائم وتُدفن الجثث في الصحراء ويُزعم أن الفتاة تزوجت أو سافرت، وأحيانا تستقر رصاصة طائشة من سلاح أحد ذكور العائلة في صدر إحدى فتياتها "دون قصد" ولا أحد يعرف عن الجريمة شيئا، الأمر الذي يجعل أمر إحصاء الظاهرة مستحيلا.

 

إسقاط الحق الشخصي.. الضحية والجلاد معا

تراخي القوانين" في العالم العربي يسمح بتزايد هذا النوع من الجرائم، إذ "توحي الأحكام المخففة بأنه بإمكان أي رجل أن يقتل ابنته أواخته أو زوجته "دون عقوبة" كما تقول بنان أبو زين الدين الناشطة النسوية الأردنية.

وبحسب جمعية "معهد تضامن النساء الأردني" الحقوقية، سُجلت تسع جرائم قتل أسرية بحق النساء في الأردن منذ بداية عام 2020، كما رُصدت 21 جريمة من النوع نفسه خلال عام 2019، 60 في المئة من هذه الجرائم وقعت بحق شابات تتراوح أعمارهن بين الـ 18 و 37 عاما.

ويكون السبب الحقيقي وراء كثير من هذه الجرائم خلافات اجتماعية كإرغام الفتاة على الزواج، أو زواجها من شخص من دين أو قومية مغايرة، أو الدخول في علاقة عاطفية مع شخص ترفضه العائلة، أو طلب الطلاق، وقد يكون القتل بسبب خلافات مالية كخلاف على الميراث مثلا، إلا أن مرتكبيها يستغلون "الشرف" للتنصل من العقوبة أو لتخفيفها.

ووفقا للفحوص الشرعية يتبين أن غالبية الفتيات اللواتي قتلن "دفاعا عن الشرف" كن عذارى، كما تؤكد أبوزين من الأردن والسعيد من مصر.

 

القبول الاجتماعي وأجهزة الدولة

الى جانب القوانين، يعد "القتل دفاعا عن الشرف" أمرا مقبولا اجتماعيا فى عدد من الدول العربية وغير العربية. ففى أكبر استطلاع للرأي شارك فيه أكثر من 25 ألفا،  من عشر دول عربية أجرته شبكة البارومتر العربي البحثية المستقلة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لصالح بي بي سي عربي، سألنا المشاركين عن مدى قبولهم " للقتل غسلا للعار" فكانت الدولة الأعلى عربيا الجزائر بنسبة 27 بالمئة تليها المغرب بنسبة 25 بالمئة ثم الأردن بنسبة 21بالمئة.

وأجري هذا الاستطلاع، في أواخر عام 2018 وربيع عام 2019 على مبحوثين من تونس والمغرب والجزائر والعراق والأردن ولبنان ومصر وليبيا واليمن والسودان وفلسطين.

هذا القبول يمتد أيضا ليشمل أجهزة الدولة كما تؤكد المحامية ورئيس مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون انتصار السعيد، فأجهزة الشرطة لا تتعامل مع البلاغات بالجدية المطلوبة.

 

الحل ليس في القوانين وحدها

وبالرغم من أهمية مراجعة القوانين لتحقيق الردع كما تقول الناشطة النسوية الأردنية، بنان أبو زين الدين، إلا أنها وحدها غير كافية لمواجهة الظاهرة المنتشرة في عدد من الدول وعلى رأسها الأردن. فالقبول الاجتماعي للعنف والقتل بحق النساء يتطلب تكثيف حملات التوعية وعدم ربطها بحادثة محددة. كما يتطلب التركيز على التربية، فبعض النساء شريكات في القمع الذي يقع عليهن ويعدن إنتاجه، ويتطلب أيضا التحرر من ثقافة الصمت إزاء العنف وتطوير مؤسسات الرقابة والرصد سواء التابعة للدولة أو للمجتمع المدني لوضع الإستراتيجيات الدقيقة والفاعلة لمنع هذه الجرائم أو الحد منها. وأيضا ينبغي تشجيع مؤسسات الدولة على أخذ شكاوى العنف ضد النساء على محمل الجد، وإتخاذ التدابير المناسبة لضمان حصول الناجيات من العنف الأسري على مأوى دون المساس بحريتهن.

 

 

تقرير مقتضب للصحافية نغم قاسم، لمطالعته كاملاً يرجى الضغط على الرابط ادناه:

https://www.bbc.com/arabic/features-53752998

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى